"كانوا يأتون من عمّان، من العراق، من بيروت..." يقول أبو خلدون خواجة، أقدم حلاق في القدس، مستذكراً زمناً كانت فيه المدينة مليئة بالحياة وكانت بمثابة نقطة التقاء للناس من كل مكان.


بدأ أبو خلدون تعلم مهنة الحلاقة في سن السابعة عشرة، بينما كان لا يزال في المدرسة، ليساعد نفسه وعائلته الكبيرة، وليقف بجانب والده. يقول أبو خلدون وهو يشير إلى المحل الذي كان أكثر من مجرد مكان عمل، فقد كان بمثابة منزل ثانٍ للعائلة: "قررت أن أتعلم حتى أتمكن من مساعدة والدي". "لقد عشت من هذا المحل، وتربينا في هذا المحل."


ورث المهنة عن والده وحرص على الحفاظ عليها كما كانت، وفاءً له. "يبلغ عمر المحل 110 أعوام. لم أقم سوى بتغييرات بسيطة لأنه ذكرى لوالدي، وأنا أعتبره جزءًا من تراث القدس."
إنه يحتفظ بموقع المحل - بالقرب من المسجد الأقصى وباب السلسلة - قريبًا من قلبه ويسعد دائمًا عندما يأتيه الزوار. يتحدث بحنين إلى تلك الأيام السابقة: "خلال فترة الحكم الأردني، كان الناس يأتون من العراق وبلاد الشام وبيروت."


لكن الواقع اليوم أصعب بكثير. "الوضع السياسي صعب وغير مستقر، والجميع متأثر. لقد أثرت الحرب بشدة على المدينة." وقد أثر تراجع حركة السير على الأقدام في المدينة القديمة على تجارته. "لم يعد الناس يأتون كما اعتادوا في السابق، وقد تأثر العمل".


وعلى الرغم من ذلك، لا يزال أبو خلدون يرحب بزبائنه الدائمين، خاصةً كبار السن الذين يعرفونه منذ سنوات ويثقون في مهارته. "لقد اعتادوا عليّ - حتى أنهم لا يحتاجون إلى شرح ما يريدونه ... هناك ثقة في عملي."
بالنسبة لأبو خلدون، المحل أكثر من مجرد مصدر رزق. إنه ذكرى وتراث وقصة حياة عاشها منذ الطفولة وحتى اليوم.
