في قرية صغيرة تدعى صريفا في جنوب لبنان، تعيش امرأة استثنائية تدعى أم علي. على عكس معظم النساء في القرية اللاتي هجرن الزراعة منذ زمن بعيد، لا تزال أم علي تحمل إرثًا عائليًا في زراعة التبغ، حيث كان والدها من أوائل مزارعي التبغ في القرية.


وعندما تزوجت من أبو علي، أحضرت هذا الإرث معها إلى منزلها الجديد، وبدأا معًا في الزراعة. وقد بدآ بقطعة أرض صغيرة في حديقتهما، والتي توسعت تدريجيًا إلى حقل كامل يطل على نوافذ منزلهما. كان أبو علي يحرث التربة ويزرع الشتلات في الوقت المناسب، بينما كانت أم علي تتولى العناية الدقيقة: مراقبة نمو الأوراق واختيار الوقت المثالي للحصاد.


في شهر يونيو من كل عام، مع شروق الشمس، يشق الزوجان طريقهما إلى الحقل. ويجمعان أوراق التبغ الطرية بعناية، ثم يحملانها إلى غرفة التجفيف حيث يربطانها على خيوط ويعلقانها حتى تنضج، فتتحول الغرفة إلى لوحة خضراء مفعمة برائحة الأرض. تقول أم علي: "أعتني بها كأولادي، حتى تنمو وتنضج".



لكن الحرب الأخيرة لم تسلم منها مزرعتها. ففي أحد المواسم، ضرب القصف حقولهم في أحد المواسم وأحرق كل أوراق التبغ. وأدت المواد الكيميائية التي خلفها القصف في التربة إلى إتلاف المحاصيل لأشهر بعد ذلك، مما اضطرهم إلى البدء من الصفر. ومع ذلك، ظلت أم علي صامدة، مرددةً "خُلق التبغ ليحترق، وسنواصل زراعة هذه الأرض حتى آخر يوم في حياتنا."

